Stories & Reflections
باÙيل بودبيسكي، 57 سنة، مالك الشقة
كان بين أثينا وبيني قاسم مشترك ÙˆØيد: Ùكلانا كنا لاجئَين من Øرب وكلانا أتينا إلى لندن ونØÙ† صغيران، مع أنني هاجرت من بولندا منذ أكثر من خمسين سنة. عرÙنا أن تقاليدنا، على الرغم من التغيّÙر المادي، تستمرّ ÙÙŠ المهجر، Øيث تجتمع الجاليات مجدداً، وتظلّ اللغة والدّين Øيَّين. وينزع الناس، ÙÙŠ أماكن ستظل غريبة عنهم دائماً، إلى الاعتناء Ø£Øدهم بالآخر.
تستمر٠التقاليد، لكنّ الرغبة ÙÙŠ العودة تتبدّد تدريجاً. تØتاج هذه الرغبة إلى البقاء نابضة ÙÙŠ قلوبنا، كأمل يروق لنا إيهام أنÙسنا به، من دون تجسيده Øقيقة؛ لن أرجع مطلقاً إلى العيش ÙÙŠ تشيستوكوÙا ولن ترجع أثينا وعائلتها يوماً إلى بيروت.
كان هذا النوع من التضامن هو الذي دÙعني إلى تأجيرها الطابق الثالث من منزلي ÙÙŠ باسيت رود. Ø£Ùضّل ÙÙŠ العادة مستأجرين بلا أولاد. ارتكبت٠هذا الخطأ من قبل، ÙˆØصل أمران: تذمّرت٠من الضجة التي ÙŠØدثونها نهاراً، وتذمّروا هم من الضجة التي Ø£ÙØدثها ليلاً. كان لكلتا الضجّتين جذور ÙÙŠ عنصرَين مقدَّسين: البكاء والموسيقا. لكن تَينك الضجَّتين انتميتا إلى عالمين مختلÙين تماماً، وكان من العسير عليهما التعايش.
ØذّرتÙها، لكنها لم تستوعب ذلك عن Øقّ، وقالت لي ألّا أقلق بخصوص ابنها. كان يقضي النهار كلّه ÙÙŠ منزل جدّته على أيّ Øال، وكانت الشقة مناسبة بالنظر إلى قربها من مقرّ عملها ÙÙŠ مصر٠مØلّي.
على الرغم من تØذيراتي، وعلى الرغم من تماسكها بشجاعة ÙÙŠ البداية، Ùإن جرس بابي Ù‚Ùرع بعد ثمانية أيام. كانت أثينا، وبين ذراعيها Ø·ÙÙ„.
«ÙŠØ¹Ø¬Ø² Ø·Ùلي عن النوم. ألا يَسَعÙÙƒÙŽ أن تÙØ®Ùض صوت الموسيقا لليلة واØدة على الأقل؟».
Øدّق إليها كلّ من ÙÙŠ الغرÙØ©.
«Ù…ا الذي ÙŠØدث؟».
ÙƒÙÙ‘ الطÙÙ„ Ùوراً عن البكاء، كما لو أنه Ùوجئ بقدر ما Ùوجئت والدته لرؤية مجموعة الناس، الذين قطعوا رقصتهم ÙÙŠ منتصÙها.
ضغطت٠زرّ الإيقا٠المؤقّت ÙÙŠ المسجّلة، وأومأت لها بالدخول. ثم، أعدت٠تشغيل الموسيقا لئلا ينقطع الطقس. جلستْ أثينا ÙÙŠ Ø¥Øدى زوايا الغرÙØ©ØŒ تهزّ Ø·Ùلها بين ذراعيها، وتشاهده يغÙÙˆ على الرغم من ضجة الطبل وآلات النÙØ® النØاسية. بقيتْ Øتى انتهاء المراسم ورØلتْ برØيل الضيو٠الآخرين، لكن، كما توقّعت٠أن تÙعل، قرعتْ بابي ÙÙŠ Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØªØ§Ù„ÙŠ قبل ذهابها إلى العمل.
قالت:
«Ù„يس عليك تبرير ما رأته عيناي ــــ أشخاصٌ يرقصون بجÙون مغمضة ــــ لأنني أعر٠معنى ذلك. غالباً ما أقوم بالمÙثْل. ÙˆØينها، تكون تلك هي Ù„Øظات السلام والسكينة الوØيدة ÙÙŠ Øياتي. قبل أن Ø£ØµØ¨Ø Ø£Ù…Ø§Ù‹ØŒ كنت أرتاد أندية الرقص الليلية مع زوجي وأصدقائي، وكنت أرى أشخاصاً بجÙون مغمضة أيضاً. كان بعضهم ÙŠØاول الظهور بمظهر البارد الأعصاب ÙØسب. وبدا بعضهم الآخر متأثّÙراً عن صدق بقوة٠أعظم وأقوى. ومÙØ° أصبØت٠كبيرة ÙƒÙاية لأقرّÙر بنÙسي، كثيراً ما استخدمت٠الرقص كوسيلة اتصال٠بشيء أقوى وأكثر اقتداراً مني. على أي Øال، أيمكن أن تقول لي ما كانت تلك الموسيقا؟».
«Ø£Ù„ديك ارتباطات هذا الأØد؟».
«Ù„ا شيء مميّز. قد أصطØب Ùايورل ÙÙŠ نزهة سيراً على الأقدام إلى متنزّه ريدجنت بارك، لاستنشاق بعض الهواء النقي. سيكون لديّ لاØقاً متّسع من الوقت لبرنامج عمل اجتماعي يخصّني. ÙÙŠ الوقت الØاضر، قرّرت أن أتبع برنامج ابني».
«Ø³Ø£Ø±Ø§Ùقك. إن رغبت٠ÙÙŠ ذلك».
ÙÙŠ الليلتين السابقتين لتنزّهنا، Øضرت أثينا لمشاهدة الطقس. غÙا ابنها بعد دقائق Ùقط من مجيئها. وكانت هي تشاهد ÙØسب ما ÙŠØصل من Øولها، من دون أن تنبس بكلمة. جلستْ بلا Øراك على الأريكة، لكني كنت واثقاً أن روØها ترقص.
بعد ظهر يوم الأØد، Ùيما كنا نتمشّى ÙÙŠ المتنزّه، طلبت٠إليها التنبّه إلى كل ما تراه وتسمعه: أوراق الشجر ÙŠØرّكها النسيم، تموّجات Ø³Ø·Ø Ø§Ù„Ø¨Ø±ÙƒØ©ØŒ زقزقة العصاÙير، Ù†Ø¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙƒÙ„Ø§Ø¨ØŒ صراخ الأولاد وهم يركضون ويرجعون، كما لو أنهم يعملون بمنطق غريب ما، يعجز الراشدون عن Ùهمه.
«ÙƒÙ„ شيء يتØرّك، وكل شيء يتØرّك على إيقاع وتيرة ما. وكل ما يتØرّك على إيقاع وتيرة، يولّد صوتاً. ÙÙŠ هذه اللØظة، ÙŠØصل الأمر عينه هنا ÙˆÙÙŠ بقاع أخرى من العالم. لاØَظَ أسلاÙنا الشيء Ù†Ùسه عندما Øاولوا اللجوء إلى الكهو٠هرباً من البرد: كانت الأشياء تتØرّك وتÙØدث ضجة. ربما دبّ الÙزع ÙÙŠ Ù†Ùس الإنسان الأول بداية. لكن سرعان ما Øلّ Øسّ من الاندهاش Ù…Øلّ ذاك الخوÙ: ÙÙŽÙ‡ÙÙ…ÙŽ الأÙÙˆÙŽÙ„ أنّ تلك كانت الطريقة التي يتواصل بها الخالق معهم. وأملاً ÙÙŠ الرّد على هذا التواصل، أخذوا يقلّدون الأصوات والØركات من Øولهم؛ Ùكان الرقص، وكانت الموسيقا. منذ أيام قليلة، أخبرتÙني أنّ الرقص يجعلÙÙƒÙ ÙÙŠ وصال٠مع شيء أعظم منك».
«Ù†Ø¹Ù…ØŒ عندما أرقص، أكون امرأة Øرّة، أو بالأØرى، روØاً Øرّة بوسعها الطوا٠عبر الكون، تتأمل ÙÙŠ الØاضر، تعظّم المستقبل، وتتØوّل إلى طاقة خالصة. ÙŠÙشعرني ذلك بمتعة جمّة، يغمرني بÙØ±Ø ÙŠÙوق بأشواط كلّ ما خَبÙرته أو سأَخْبÙره ÙÙŠ Øياتي. عزمت٠يوماً على أن Ø£ØµØ¨Ø Ù‚Ø¯Ù‘ÙŠØ³Ø©ØŒ وكنت أبتهل إلى الله عبر الموسيقا والØركة، لكن تلك الدرب أراها الآن مقطوعة أمامي إلى الأبد».
«Ø£ÙŠÙ‘ درب تقصدين؟».
عدّلت وضعية ابنها ليجلس مرتاØاً ÙÙŠ عربته. Ùهمت٠أنها لم تÙرد الإجابة عن ذاك السؤال، Ùسألتها ثانية. لكن، عندما ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„ÙƒÙ„Ù…Ø§Øª قاصرة عن تجسيد الÙكرة، نلجأ إلى السكوت.
من دون ومضة شعور، كما لو أنها كانت مجبرة على الدوام أن تÙقاسي ÙÙŠ صمت ما Ùرضته عليها الØياة، أخبرتني بما Øدث ÙÙŠ الكنيسة، عندما رÙض الكاهن، صديقها الوØيد أغلب الظن، أن يناولها القربان المقدّس. كما أخبرتني باللعنة التي تÙوّهتْ بها، وأنها تخلّت عن الكنيسة الكاثوليكية إلى الأبد.
قلت٠شارØاً: «Ø§Ù„قدّيس شخص يعيش Øياته بكرامة. كلّ ما علينا Ùعله هو أن Ù†Ùهم أنّ لوجودنا سبباً وأن Ù†Ùلزم أنÙسنا بذلك. بعدها، يمكننا أن نَسْخَر من عذاباتنا، بطولها وعرضها، بشموخ نمشي، مدركين أن كلّ خطوة Ù…Øمّلة بالمعاني. بوسعنا أن ندع النور المنبعث من «Ø§Ù„ذروة» أنّ يرشدنا».
«Ù…ا قصدك بــــ’«Ø§Ù„ذروة»ØŸ». Ùهي، ÙÙŠ الرياضيات، زاوية المثلّث الرأسية».
«ÙÙŠ الØياة أيضاً، هي هد٠كل أولئك الذين يرتكبون الأخطاء على غرارنا. لكنهم، Øتى ÙÙŠ أكثر Ù„Øظاتهم سوداوية، لا ÙŠÙعرضون عن النور المنبعث من قلوبهم. هذا ما Ù†Øاول Ùعله ÙÙŠ جماعتنا. إن «Ø§Ù„ذّروة» متأصّلة ÙÙŠ كلّ منا، ويمكننا بلوغها إذا تقبّلناها واعترÙنا بنورها».
شرØت٠لها أنني أطلقت عبارة «Ø§Ù„بØØ« عن الذّروة» للرقصة التي شاهدتها ÙÙŠ الليالي السابقة، والتي أدّاها أشخاص من كلّ الأعمار (Øينها كنّا عشرة أشخاص، تÙØ±Ø§ÙˆØ Ø£Ø¹Ù…Ø§Ø±Ù‡Ù… بين 19 سنة Ùˆ65(. سألتْ أثينا أين وقعت٠على ذلك.
أخبرتها أنه، إبّان نهاية الØرب العالمية الثانية، استطاع بعض Ø£Ùراد عائلتي الهرب من الØكم الشيوعي الذي كان ÙŠÙطبق على بولندا، وقرّروا الانتقال إلى لندن. Ø£Ùسديت لهم النصيØØ© بإØضار أشياء Ùنية وكتب قديمة نادرة كانت، كما Ø£Ùخبروا، قيّمة جداً ÙÙŠ ذاك الجزء من العالم.
بيعتْ اللوØات والمنØوتات على وجه السرعة، لكنّ الكتب اÙترشها الغبار. كانت أمي صارمة Øيالي لكي أقرأ اللغة البولندية وأØكيها، وشكّلتْ الكتب جزءاً من تربيتي. ذات يوم، وجدت ÙÙŠ نسخة من كتاب توماس مالتوس ترجع طبعتها إلى القرن التاسع عشر، صÙØتين من الملاØظات دوّنها جدّي الذي مات ÙÙŠ معسكر اعتقال. رÙØت أقرأهما، Ù…Ùترضاً أن Ù„ÙØواهما صلة بورثته، أو أنهما رسالة عشق موجّهة إلى Øبيبة سرّية، إذ قيل إنه وقع ÙÙŠ Øب Ø¥Øداهن ÙÙŠ روسيا.
ÙÙŠ الواقع، كان لذلك جانب من الØقيقة. اØتوت الصÙØتان وصÙاً لرØلته إلى سيبيريا خلال الثورة الشيوعية. هناك ÙÙŠ قرية دييدو٠البعيدة، Ø£Ùغرم بممثّلة [ملاØظة: لم يكن بالمستطاع تØديد هذه القرية على الخارطة. من المØتمل أنه تمّ تبديل الاسم عمداً أو أن المكان بØدّ ذاته لم يعد مأهولاً بعد تهجيرات ستالين القسرية]. بالاستناد إلى جدّي، كانت الممثّلة Ùرداً من طائÙØ©ØŒ آمنت أنها وجدت الدواء لكل داء عبر نوع معيَّن من الرقص، لأنّ الرقص كان يضع الراقص ÙÙŠ اتصال مع النور المنبعث من «Ø§Ù„ذروة».
خاÙوا أن يزول التقليد؛ كان سكان القرية سيÙرØّلون قريباً إلى مكان آخر، لتÙمسي القرية موقعاً للتجارب النووية. توسّلته الممثّلة وأصدقاؤها أن يكتب عمّا تعلّموه. Ùعل ذلك، لكن من Ø§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù†Ù‡ لم ÙŠÙكّر ÙÙŠ مدى أهمّيته، لأنه دوّنه ملاØظات تركها داخل كتاب، وبقيت هناك إلى أن وجدتÙها.
قاطعتني أثينا:
«Ù„يس الرقص شيئاً تكتب عنه؛ بل تقوم به».
«Ø¨Ø§Ù„ضبط. كل ما ذَكَرَتْه٠الملاØظات هو: ارقص Øتى الإرهاق، كأنك متسلّق يصعد تلّة، جبلاً مقدّساً. ارقص Øتى اللهاث لدرجة ÙŠÙجبر معها جسدك على الØصول على الأكسجين بطريقة أخرى. وهذا، ÙÙŠ النهاية، ما سيجعلك تÙقد هوّيتك وعلاقتك مع الزمان والمكان. ارقص، لكن على وقع آلات النقر ÙØسب؛ كرّر العملية كل يوم؛ واعلم أن عينيك، ÙÙŠ Ù„Øظة معينة، ستغمضان طبيعياً، وسو٠تبدأ برؤية نور يشعّ من الداخل، نور ÙŠÙجيب عن أسئلتك ويطوّر قواك الباطنة».
«ÙˆÙ‡Ù„ طوّرتَ قوى مميّزة ما؟».
بدلاً من الإجابة، اقترØت٠عليها أن تنضمّ إلى المجموعة ما دام ابنها بدا مرتاØاً تماماً Øتى مع تعالي ضجة الصَنْج وآلات النقر الأخرى إلى أقصاها. ÙÙŠ الوقت المعتاد من اليوم التالي، Øضرتْ اÙØªØªØ§Ø Ø§Ù„Ø¬Ù„Ø³Ø©. أجريت٠تعارÙاً بينها وبين Ø£Ùراد المجموعة، قائلاً إنها جارتي ÙÙŠ الطابق العلوي. لم يتكلّم Ø£Øد عن Øياته، كما لم يسألها Ø£Øد عمّا كانت تÙعله ÙÙŠ الØياة. عندما Øان الوقت، أدرت٠الموسيقا وبدأنا نرقص.
أخذتْ ترقص والولد بين ذراعيها، لكن سرعان ما غÙا، Ùوضعته على الأريكة. قبل أن Ø£Ùغمض عينيّ وأÙدخل ÙÙŠ الانخطاÙØŒ وجدت٠أنها Ùهمت تماماً ما عنيت٠بالدرب إلى «Ø§Ù„ذّروة».
كل يوم، ما خلا الأØد، كانت تØضر مع الولد. كنا نتبادل التØية، ثم أضع موسيقا Ø£Øضرها صديق لي من السهوب الروسية، وكنا نرقص جميعاً Øتى الإرهاق. بعد مرور شهر على ذلك، طلبتْ نسخة عن الشريط.
«Ø£Ø±ØºØ¨ ÙÙŠ أن أؤدّي الرقص صباØاً، قبل أن أترك Ùايورل ÙÙŠ منزل أمي، وأذهب إلى العمل».
Øاولت٠نصØها بالعدول عن ذلك.
قلت: «Ù„ا أدري، أعتقد أنّ مجموعة مترابطة بالطاقة Ù†Ùسها تÙوجÙد نوعاً من الهالة التي تساعد ÙƒÙلّاً على الدخول ÙÙŠ Øالة الانخطاÙ. كما أن الرقص قبل الذهاب إلى العمل قد يتسبّب ÙÙŠ طردك من العمل، لأنك ستكونين مرهقة النهار بطوله».
Ùكّرت أثينا للØظة ثم قالت:
«Ø£Ù†Øª Ù…Øقٌّ ÙÙŠ الØديث عن الطاقة الجَماعية. ÙÙŠ مجموعتك، مثلاً، أربعة ثنائيات وزوجتك. كلّهم وجدوا الØب؛ وذا السبب ÙÙŠ قدرتهم على تشاطر ذبذبة إيجابية معي. أمّا أنا Ùلا شريك لي، أو بالأØرى، لديّ ابني، لكن ليس ÙÙŠ وسعه إظهار Øبه بعد٠بطريقة Ù†Ùهمها. لذلك، Ø£Ùضل تقبّل ÙˆØدتي. إذا Øاولت٠الÙرار منها الآن، Ùلن أجد شريكاً ثانية. إذا تقبّلتها، بدل مواجهتها، قد تتبدّل الأمور. لاØظت٠أن الوØدة تزداد شدّة عندما Ù†Øاول الوقو٠أمامها وجهاً لوجه، لكنها تضع٠عندما نتجاهلها ببساطة».
«Ù‡Ù„ انضممت٠إلى مجموعتنا بØثاً عن الØب؟».
«Ù„عله ذلك ذريعة ممتازة، على ما أعتقد، لكن الجواب هو «Ù„ا». جئت٠بØثاً عن معنىً Ù„Øياتي، لأنّ ابني Ùايورل هو معناها الأوØد Øاضراً. أخشى أن ينتهي بي الأمر إلى تدميره، إما بأن Ø£ÙÙرÙØ· ÙÙŠ رعايته، وإما بأن أسقط عليه الأØلام التي لم أتمكّن يوماً من تØقيقها. ذات ليلة، Ùيما كنت أرقص، شعرت٠بأنني Ø´ÙÙيت. ولو كنا ÙÙŠ صدد مرض جسدي، لأسمينا ذلك معجزة، لكن كان توعّكي روØانياً، ÙŠÙتعسني. ÙˆÙجأة اختÙÙ‰».
عرÙت٠ما عَنته.
تابعت أثينا: «Ù„Ù… يعلّمني Ø£Øد الرقص على صوت الموسيقا، لكن أشعر بأنني أدرك ما Ø£Ùعله».
«Ù‡Ùˆ ليس شيئاً عليك٠تعلّمه. تذكّري عندما مشينا ÙÙŠ المتنزّه وما رأيناه: الطبيعة تخلق إيقاعاتها الخاصة، وتتكيّ٠مع كل Ù„Øظة».
«ÙˆÙ„Ù… يعلّمني Ø£Øد كي٠أØبّ. لكنني Ø£Øببت الله، Ø£Øببت زوجي، Ø£ÙØب ابني وعائلتي. مع ذلك، Ùإن ثمة Øلقة Ù…Ùقودة. ورغم أنني أتعب عندما أرقص، Ùإنني Øينما أتوقّÙØŒ أبدو وكأنني ÙÙŠ Øالة من النعمة، من الانتشاء العميق. أودّ أن يدوم هذا الانخطا٠طوال النهار ويساعدني على إيجاد ما Ø£Ùتقر إليه: Øب رجل. عندما أرقص، يمكنني أن أرى قلب هذا الرجل، دون وجهه.
Ø£ÙØسّ أنه قريب مني، ولذلك Ø£Øتاج إلى البقاء متيقّظة. Ø£Øتاج إلى الرقص صباØاً لكي أقضي بقية نهاري أتنبّه إلى كل ما ÙŠØدث من Øولي».
«Ø£ØªØ¹Ø±Ùين ما معنى كلمة «Ø§Ù†ØªØ´Ø§Ø¡»ØŸ مرادÙها اللاتيني من أصل إغريقي ويعني «Ø§Ù„خروج من الذات». إن مكوثك خارج ذاتك طوال النهار ÙŠÙØمّل الجسد ÙˆØ§Ù„Ø±ÙˆØ Ù…Ø§ ÙŠÙوق طاقتهما».
«Ø£ÙˆØ¯Ù‘ المØاولة على أي Øال».
رأيت٠أن لا جدوى من مناقشتها، Ùنسخت٠لها الشريط. ومذاك، كنت أصØÙˆ كل ØµØ¨Ø§Ø Ø¹Ù„Ù‰ صوت الموسيقا ووقع الرقص ÙÙŠ أعلى، وأتساءل كي٠لها أن تواجه عملها ÙÙŠ المصر٠بعد ساعة تقريباً من الدخول ÙÙŠ Øالة من الانخطاÙ. عندما صادÙتها ÙÙŠ الرواق، دعوتها لتناول القهوة عندي. وأخبرتني أنها أعدّتْ نسخاً إضاÙية من الشريط، وأنّ الكثير من زملائها ÙÙŠ العمل أصبØوا يبØثون عن «Ø§Ù„ذروة».
«Ù‡Ù„ أخطأت؟ هل كان سراً؟».
بالطبع هي لم تÙخطىء، على العكس. بصنيعها هذا، كانت تساعدني ÙÙŠ الØÙاظ على تقليد بات شبه Ù…Ùقود. بالاستناد إلى ملاØظات جدّي، قالت Ø¥Øدى النساء إن راهباً زار المنطقة قد أخبرهم ذات مرة أنّ كلاً منا ÙŠØمل أسلاÙÙ‡ والأجيال التالية ÙÙŠ الصميم.
عندما Ù†Ùعتق أنÙسنا، Ù†Ùعتق البشرية جمعاء.
«Ù„ذا، لا بÙدّ لكلّ رجال تلك القرية ÙÙŠ سيبيريا ونسائها أن يكونوا هنا الآن، ويكونوا سعداء جداً أيضاً. إنّ عملهم ينبعث من الرماد مجدداً ÙÙŠ هذا العالم، كله بÙضل جدّك. هناك أمر أودّ سؤالك عنه: ما الذي Øملك على الرقص بعد قراءة تلك الملاØظات؟ لو أنك قرأت شيئاً عن الرياضة بدلاً منه، هل كنت لتقرّÙر أن ØªØµØ¨Ø Ù„Ø§Ø¹Ø¨ كرة قدم؟».
كان سؤالاً لم يطرØÙ‡ عليّ Ø£Øد من قبل.
«Ù„أنني Øينها، كنت مريضاً. كنت أعاني شكلاً نادراً من أشكال داء التهاب المÙاصل، وأخبرني الأطباء أنّ عليّ التهيؤ للØياة ÙÙŠ كرسي مدولب مع بلوغي الخامسة والثلاثين. وجدت٠أن الوقت ينÙد منّي، وقرّرت بالتالي أن أكرّس Ù†Ùسي لشيء لن أتمكّن من Ùعله لاØقاً. كتب جدّي على Ø¥Øدى تلك الأوراق الصغيرة أنّ سكان دييدو٠آمنوا بالقوى العلاجية للانخطاٻ.
«ÙˆÙŠØ¨Ø¯Ùˆ أنهم صائبون».
لم أقل شيئاً، لكنني لم أكن واثقاً تماماً بما Øصل. لعل الأطباء كانوا على خطأ. ولعل واقع أنني من عائلة مهاجرة أجبرني ألا يكون لدي مجال للمرض، كان قوة ضاغطة على عقلي الباطن ØÙّزت ÙÙŠ جسمي ردّة Ùعل طبيعية. أو لعلها كانت أعجوبة Ùعلاً، على الرغم من أن ذلك يتناÙÙ‰ تماماً مع عقيدتي الكاثوليكية القائلة بأن الرقص ليس علاجاً.
أذكر يوم كنت مراهقاً أنه لم يكن لدي Ùكرة عن ماهية الموسيقا المناسبة، وهكذا، تعوّدت ارتداء قلنسوة سوداء تغطي الوجه والتخيّل أن كل ما Øولي قد انتÙÙ‰ وجوده. وكانت روØÙŠ ترتØÙ„ إلى دييدوÙØŒ لتكون مع أولئك الرجال والنساء، مع جدّي ÙˆØبيبته الممثّلة. ÙÙŠ سكون غرÙØ© نومي، كنت أسأل كلاً منهم أن يعلّمني الرقص، أن يعلّمني تخطّي Øدودي، لأني كنت أدنو من الشلل الدائم. كلما تØرّك جسمي، ازداد نور قلبي سطوعاً، وتعلّمت أكثر؛ ربما من تلقاء Ù†Ùسي وربما من Ø£Ø´Ø¨Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø§Ø¶ÙŠ.
Øتى أنني تخيّلت الموسيقا التي لا بÙدّ أنهم كانوا يستمعون إليها خلال طقوسهم. وعندما زار Ø£Øد أصدقائي سيبيريا بعد سنوات بعيدة لاØقاً، طلبت٠إليه أن يجلب لي بعض التسجيلات الموسيقية. ويا لدهشتي Øين كان Ø£Øدها مشابهاً جداً للموسيقا التي تخيّلت أنها تراÙÙ‚ الرقص ÙÙŠ دييدوÙ.
كان من الجيد أنني لم Ø£Ùخبر أثينا بأي من ذلك؛ خَطَرَ لي أنها كانت سريعة التأثّر، وغير مستقرّة نوعاً ما.
كلّ ما قلته لها: «Ø±Ø¨Ù…ا ما تÙعلينه صائب».
تØدّثنا مرة أخرى، Ù‚Ùبيل سÙرها إلى الشرق الأوسط. بدت مسرورة كما لو أنها وجدت كل ما أرادته… الØب.
«Ø´ÙƒÙ‘Ù„ زملائي ÙÙŠ العمل جماعة، أطلقوا عليها اسم «Øجّاج الذروة»ØŒ وكلّ ذلك بÙضل جَدّÙÙƒ».
«ØªÙ‚صدين، كلّه بÙضلك، لأنك٠أنت التي شعرت بالØاجة إلى أن تشركي الآخرين ÙÙŠ الرقص. أعلم أنك راØلة، لكن أود أن أشكرك على إضÙاء بÙعد٠آخر على ما كنت Ø£Ùعله كل تلك السنوات، ÙÙŠ Ù…Øاولة نشر النور بتردّد على قلّة من المهتمّين، لخوÙÙŠ الدائم من أن يجد الناس القصة بأكملها قصة سخيÙØ©».
«Ø£ØªØ¯Ø±ÙŠ ما تعلّمته؟ صØÙŠØ Ø£Ù†Ù‘ الانتشاء يتمثّل ÙÙŠ القدرة على الخروج من الذات، إلّا أن الرقص هو وسيلة من الارتقاء إلى الÙضاء، من اكتشا٠أبعاد جديدة والبقاء مع ذلك ÙÙŠ اتصال مع الجسد. عندما ترقص، يتمكّن العالم الروØاني والعالم المادي من التعايش بسرور تام. أعتقد أن راقصي الباليه يرقصون على رؤوس أصابعهم لكي يتمكّنوا من ملامسة السماء بأناملهم».
إن كانت ذاكرتي لا تخونني،Ùتلك كانت آخر كلماتها لي. لدى تأدية أي رقصة نستسلم لها بÙرØØŒ ÙŠÙقد الذهن خلالها قدرته التØكّمية، ويÙمسك القلب برسن الجسد. عندئذ Ùقط تتجلّى «Ø§Ù„ذروة». ما دمنا نؤمن بها طبعاً.
الÙصل التالي سيعرض ÙÙŠ 10/03/2007
أعزّائي القرّاء،
بما أنه ليس ÙÙŠ إمكاني التØدّث بلغتكم، طلبت من شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الناشر باللغة العربية، أن تترجم لي كل تعليقاتكم القيّمة على روايتي الجديدة. ملاØظاتكم وآراؤكم تعني لي الكثير.
مع Øبّي،
باولو كويليو